عبقرية ستيف جوبز ..ثورجي التكنولوجيا إلى الأبد
في عصر التكنولوجيا الحديثة، إذا كان هناك اسم واحد يثير مشاعر قوية، فهو ستيف جوبز، في سجلات تاريخ التكنولوجيا، يتميز ستيف جوبز ليس فقط بابتكاراته الرائدة ولكن أيضاً بحياته المليئة بالتحديات والفشل الذي تحول إلى نجاح، لذا استحق وبجدارة لقب ثورجي التكنولوجيا، فالحقيقة الشاملة تؤكد أنه صاحب بصمة خاصة غيرت وجه الكون في حياة الناس اليومية، يحترم الكثيرون الراحل المؤسس المشارك لشركة Apple باعتباره من العباقرة ويذمه آخرون باعتباره صاحب رؤية معيبة، ومع ذلك، فإن حجم تأثيره هو ما يجعل من المستحيل تجاهله.
ثورجي التكنولوجيا
بالنسبة لأولئك الذين يقدرون ستيف جوبز، فإن تقديرهم يحظى بكثير من الوجاهة والمنطق، فهو ثورجي التكنولوجيا وهو لقب مستحق لما أحدثه جوبز من ثورة في عالم التكنولوجيا. فإبداعات Apple تحت قيادته، لم تغير الصناعات فحسب، بل غيرت أيضاً وبالأساس كيفية تفاعل المجتمع مع التكنولوجيا وخاصة الأفراد من خارج هذا القطاع. إن أجهزة iPhone و iPad و MacBook ليست مجرد منتجات، بل ظاهرة ثقافية ترمز هذه الأجهزة إلى التقاء التكنولوجيا مع الفن مع الثقافة مع التجربة الحياتية البسيطة.
لم تكن عبقرية جوبز في ابتكار المنتجات فقط، حيث برز تألقه في فهم الرغبات البشرية وقدرته الخارقة على توقع السلوك البشري، لتمييز ما يريده المستهلكون قبل التعبير عنه بأنفسهم. لا تزال قدرة جوبز على دمج التكنولوجيا مع جماليات التصميم فريدة ومنطقعة النظير. كانت لهذه الميزة دور بارز في تطوير شركة Apple لتكون أول شركة تصل قيمتها السوقية إلى تريليون دولار، وهي شهادة على ثقة مستخدميها الراسخ بها وبإمكاناتها والانتشار العالمي لمنتجاتها.
شريحة النقاد
في الوقت الذي أشاد في كثيرون بجوبز لمساهماته الضخمة، هناك شريحة تخالف هذا الرأي، حيث يصفه البعض بأنه مزاجي، ويصعب التعامل معه، ويقول البعض كذلك بأنه مستبد. ومع ذلك، فإن محاولة اختزال إرثه في مجرد آراء شخصية هو تبسيط مبالغ فيه.
وصلت محاولة توصيف جوبز بالشرير إلى ذروتها السينمائية من خلال فيلم شركة Universal Pictures بعنوان “ستيف جوبز“، والذي بدى لكثيرين وكأنه محاولة للتأكيد على عيوبه. ومع ذلك، في تطور مثير للسخرية، حتى في فيلم أراد تسليط الضوء بشكل سلبي وانتقاد شخصية جوبز، كان تألق ستيف جوبز الذي لا يقهر طاغياً. سواء تم ذكر اسمه في المعارك التي نجح جوبز في خوضها وبامتياز في قاعة الاجتماعات أو خلال إطلاق المنتجات المكثفة، فقد تألق فكره ورؤيته بشكل أسطوري.
صعود وسقوط، وعودة لا تُنسى
تعد مسيرة جوبز المعنية مادة للأساطير، قام جوبز ببناء شركة Apple ، وتم إقصاؤه من المكان الذي شهد إبداعه، إلا أن ما تبع ذلك لم يكن انحداراً إلى النسيان بل قصة استمرارية وكفاح للصعود من الهاوية بشكل غير عادي. خلال فترة ابتعاده عن شركةApple ، أسس جوبز شركة NeXT ، وهي شركة كمبيوتر ستصبح لاحقاً جزءًا لا يتجزأ من مستقبل Apple ، واستحوذ على شركة الرسوم المتحركة التي سيتحول اسمها لاحقًا إلى بيكسار Pixar ، والتي أدت إلى تغيير صناعة الرسوم المتحركة إلى الأبد.
لكن القدر تطور بشكل سريع في المتجر، حيث استعادت أبل، التي كانت تواجه التحديات، خدمات جوبز. وتحت قيادته الجديدة، لم تتعاف شركة Apple فحسب، بل حلقت إلى ارتفاعات غير مسبوقة في سماء النجاح. لم تكن المنتجات التي تم إطلاقها بعد عودته iPod و iPhone و iPad لم تكن ناجحة فحسب، بل كانت ثورية.
حكاء التكنولوجيا وبارع بامتياز في عالم التسويق
بالإضافة إلى براعته التكنولوجية، كان جوبز مسوقًا بارعاً. كان يعلم أن الناس لا تشتري المنتجات بغرض الاقتناء فقط؛ وإنما تشتري قصص وخبرات وأحلام وتجارب، والاهتمام بأدق تفاصيل المنتج حتى الغير مرئية بالعين، وكأن ستيف جوبز يجسد شغفه المعروف بالفن والرسم والموسيقا من خلال منتجات آبل فقد أصبحت عمليات إطلاق منتجاته أحداثًا عالمية. مع كل إصدار، كان يسوق لرؤيته الفنية ويحكي ببراعة الحالة الخاصة لكل منتج.
صعود آبل الصاروخي
بعيداً عن الانتقادات، خطت آبل تحت قيادة جوبز خطوات عملاقة لا يمكن أن يخطوها سوى قليلون، تحولت الشركة من شركة ناشئة في مرآب لتصليح السيارات إلى قوة عالمية، تضع معايير لصناعة التكنولوجيا بأكملها. لقدجعلنا iPod نعيد التفكير في الموسيقى، وأعاد iPhone تعريف الاتصال، وأصبح MacBook رمزاً للحوسبة الأنيقة والفعالة، قامت منتجات آبل بتغيير قواعد اللعبة في عالم التكنولوجيا، ليس بسبب مواصفاتها فحسب، ولكن بسبب التجربة التي وعد بها وقدمها.
في مواجهة المنافسة الشديدة، لم تتجح شركة آبل، بقيادة جوبز، في البقاء ومواصلة العمل فحسب؛ بل كانت مزدهرة ورائدة، لم تكن قيمتها السوقية التي تبلغ تريليون دولار مجرد علامة فارقة مالية بل شهادة على عقود من الابتكار والاتساق وثقة الفرد الفريدة التي لا تتزعزع.
مفارقة كبيرة
ومع ذلك، فإن الحجة الأكثر إقناعاً ضد منتقدي جوبز لا تكمن في الأقوال بل بالأفعال. كثير من الذين ينتقدونه، أو يشككون في أساليبه، أو يقوضون رؤيته، يفعلون ذلك باستخدام نفس المنتجات التي أطلقها وشهدت على ثورته الأبدية في عالم التكنولوجيا: جهاز iPhone الذي يستخدمونه لإرسال الرسائل النصية، أو MacBook الذي يكتبون به، أو iPad الذي يرسمون عليه، كلها شهادات على عبقرية جوبز، إنها مفارقة مميزة وتؤكد على حقيقة أقوى من أي جدال.
أسطورة أبدية
حوّل ستيف جوبز، بكل تعقيداته، الصناعات، من الحوسبة إلى الرسوم المتحركة والموسيقا إلى الاتصالات. لا جدوى من اختزال حياته والعمل في مجرد نقاشات حول شخصيته، كأي شخصية مؤثرة، كان ستيف جوبز معقدًا. لكن محاولة التقليل من تألقه بالنقد تشبه محاولة البصق باتجاه الشمس على أمل إطفاء نيرانها. بكل تأكد لن تتأثر الشمس، بكل مجدها المتوهج، تماماً كما لم ينل المنتقدين من إرث جوبز الأسطوري.
إلى أولئك الذين ينتقدونه بينما ينعمون بثمار عمله، قد يسأل المرء: إذا كان جوبز معيباً كما تظن، فلماذا تظل إبداعاته جزءًا لا يتجزأ من حياتك؟ الجواب، رغم الصمت، واضح، تستمر عبقرية جوبز، سواء تم الاعتراف بها أم لا، في تغيير عالمنا، إبداع في كل مرة، العهد الصامت لعبقريته يتجلى هناك: في الشاشات التي يستخدمونها، والموسيقى التي يستمعون إليها، والعالم الذي ساعد في تصوره.
قال جوبز ذات مرة، “أريد أن أضع بصمة خاصة في الكون” وقد فعل، لم تكن رؤيته تتعلق فقط بابتكار المنتجات ولكن إحداث تحول جذري في كيفية إدراك البشرية للتكنولوجيا وتفاعلها معها. كل جهاز Apple ، كل فيلم من أفلام Pixar ، كل كلمة رئيسية هامة، لم تكن مجرد منتجات أو أحداث؛ بل كانت نقاط محورية في الكون، تتحدى الوضع الراهن وتدفع بالتطور التكنولوجي لصالح البشر.
نبذة عن الكاتب:
هبة الله المنصوري، كاتبة إماراتية، حاصلة على ليسانس كلية الآداب قسم فلسفة، علم اجتماع، علم النفس، جامعة بيروت التابعة لجامعة الإسكندرية، دورة في الإعلام ومجال التسويق والاتصال، مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر، رئيساً تنفيذياً لشركة BIZ COM للاستشارات الإعلامية. إضافة إلى دورها القيادي في الشركة، شاركت المنصوري في تأسيس مينانيوزواير MENA Newswire ، وهي شركة مبتكرة في مجال التكنولوجيا الإعلامية، والتي تعمل على تحويل نشر المحتوى من خلال نموذج المنصة كخدمة. وتساهم المنصوري في الاستثمار في نيوزي Newszy ، مركز توزيع الأخبار والذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ذلك، فهي شريكة في Middle East & Africa Private Market Place (MEAPMP)، وهي منصة إعلانات (SSP) المستقلة الناشئة في المنطقة ، تحاول اكتساب خبرة في مجال التسويق الرقمي والتكنولوجيا.